قال والدي الدكتور إبراهيم الفارس حفظه الله: ثمة أمر دعاني لإستصحاب الشيخ عبد الرحمن البراك لزيارة سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله لمراجعته فيه.
أركبت الشيخ بجانبي في السيارة في الطريق لم يكد يعطني فرصة لمراجعته في بعض المسائل من شدة إنهماكه في الذكر والقراءة.
إن سألته أجاب ثم رجع لذكره وقراءته سريعاً وكأنما خرج من بيته الذي يأوي إليه لأمر ثم عاد إليه.
توسطت مع الشيخ في أحد أشهر شوارع الرياض، وكعادة الرياض كان الشارع مزدحماً- اللبيب لا تقلقه الزحمات، إنما ينظر إليها كبوابة فراغ أجبر على الولوج فيها فأكرمها بإستغلالها- طالت الزحمة حتى نادى المنادي للصلاة.
عمت في بحيرة من القلق فمخارج الطريق مغلقة والطريق يكاد يقف، وإنما أقلقني خشية فوات الصلاة في الجماعة على الشيخ مع أن عذرنا قائم ولم نلبس ثوب مفرط أقيمت الصلاة وأنا لا أزال أتوسط المعمعة.
صدحت المآذن بآيات الذكر الكريم لتشعر كل سامع بالأمان فيالله ما أجمل القرآن، وما أجمل المدينة وقت الصلاة في حي منائره كثيرة كعادة الكربات، صبر قليل وتفرج، دقائق وإنفض الزحام فطرت لأقرب المخارج كسجين فك السجان قيده توجهت إلى أقرب مسجد.
نبهت الشيخ والشيخ كفيف البصر ثاقب البصيرة فنزل ويدي بيده -بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.. اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك-.
لم يقطع علينا ذكر دخول المسجد سوى الإمام -السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله- الحمد لله على ما قضى تأخرت أبتغي مكاناً مناسباً لإقامة جماعة ثانية.
والتفت إلى الشيخ لأرى ما لا يمكن أن أنساه؛ رأيت عينيه الكفيفتين وقد اغرورقتا بالدموع وهو يردد إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون! فاتتنا صلاة الجماعة.
الكاتب: بلال بن إبراهيم الفارس.
المصدر: موقع يا له من دين.